هجرة بني هلال من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا



هجرة بني هلال من أشهر الهجرات العربية إلى شمال أفريقيا هي الهجرة الهلالية (بنو هلال) في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي وتعرف " بالهجرة الهلالية " في التراث الشعبي العربي، فيما يصفها ابن خلدون بانتقال العرب إلى أفريقيا. وتعرف ايضاً " بالهجرة القيسية " نسبة إلى ان أغلب القبائل المهاجرة تندرج تحت الفرع القيسي من العرب العدنانية وجميعهم يرجعون بقحطان ين يعرب
و بالرغم أن بني هلال وبني سليم شكلوا أكبر القبائل المهاجرة الا انها ضمت فروعا كثيرة من قبيلة هوازن كجشم وسلول ودهمان والمنتفق وربيعة وخفاجة وسعد وكعب وسواءة وكلاب وقبائل قيسية أخرى كفزارة واشجع وعبس وعدوان وفهم وقبائل مضرية كهذيل وكنانة وتميم وربعية كعنزة وقضاعية كجهينة وبلي وقحطانية كجذام وكندة ومذحج.
و قد كان بنو هلال وبنو سليم ومن أتى معهم من القبائل يقيمون في المنطقة الممتدة بين الطائف ومكة، وبين المدينة ونجد، وشاركوا في الفتوحات العربية الإسلامية، الا انهم احتفظوا بثقلهم وطابعهم البدوي في الجزيرة العربية حتى تاريخ هجرتهم 440 هـ. واستقرت تلك القبائل شمال أفريقيا, وشاركت تلك القبائل في الحروب والفتوحات والصراعات السياسية والعسكرية التي قامت في المساحة وفي حوض المعتدل، وقد كان لها الأثر الحاسم في تعريب في شمال أفريقيا.
تعددت مواطن تلك القبائل عبر التاريخ فكانت لها مواطنها في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية ثم مواطن أخرى بعد ظهور الإسلام. وبذلك أثرت الوقائع والتحولات التي عرفتها جزيرة العرب والعالم الإسلامي في تغير مواطنها، مثلما أثرت تلك التحولات على الخريطة البشرية في أنحاء متنوعة من البلاد والمدن التي وصلها الفتح الإسلامي. وأول ما يعرف عن مواطن هذه القبائل وتجمع المصادر أنها كانت تعيش الجزيرة العربية ثم هجرتها إلى الشام والعراق ومصر، ومنها انتقلت هذه القبائل العربية إلى المغرب. و كان قد بنو هلال وبنو سليم مقيمين قبل ظهور الإسلام في نجد، وتلك المساحة كثيرة الأودية والهضاب، وعرفت باعتدال مناخها وندرة أمطارها. وعن تلك المواطن يتحدث ابن خلدون "كانت بطونهلال وسليم من مصر لم يزالوا بادين منذ الدولة العباسية، وكانوا أحياء ناجعة بمجالاتهم من فقر الحجاز بنجد: فبنو سليم الأمر الذي يلي المدينة وبنو هلال في جبل غزوان نحو الطائف وربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراقوالشام...". مثلما سميت باسم بني هلال مواطن كثيرة، منها بنو هلال قرية قديمة من ممارسات الشرقية، وبنو هلال بالبحيرة تابعة لمركز دمنهور، وبنو هلال بقسم سوهاج وبني هلال محافظة أسيوط. وكانت القبائل الهلالية في أكثريتها قبائل بدوية ظاعنة وتنتقل ما بين البصرة ومكة من ناحية، وما بين مكة ويثرب من ناحية أخرى ومن المعروف عنها أنها كانت تدين بالوثنية مثل بني هلال وبني سليم، فبنو هلال يعبدون صنم ذو الخلصة مع خثعم وبجيلة.
وكان قد بنو سليم "يسكنون عالية نجد قرب خيبر، في حرّة بني سليم. ويقول القلة بأن لسليم وهلال مواطن في العراق، ومن ذلك أن مجموعة منهم إتخذوا لهم محلة بوادي الكوفة حوالي 120هـ وكان ذلك المكان يعرف بمسجد بني هلال، مثلما استوطن بنو هلال بنواحي حلب والموصل ونزلوا البيوت التي كانت قبلهم لربيعة وكهلان. "أما في مصر فإن صاحب الخراج فيها استقدم إلى الجوف التابع للشرق أيام هشام بن عبد الملك الأموي عام 109هـ أبياتا قيسية في نصر بن معاوية وعامر بن صعصعة وغيرهما من بطون هوازن". وينحى المقريزي ذلك المنحى عندما يقول: ""أن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام مصر أفاد: "ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وفهم فيهم وعدنان" فكتب إلى هشام: "أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرف ذلك الحي من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم وأني قدمت جمهورية مصر العربية فلم أر لهم فيها حظا إلا أبياتا من إستيعاب، وفيها كور ليس فيها أحد وليس يضر بأهلها نزولهم معهم ولا يكسر خراجا وهو بلبيس فإن رأي أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس فليفعل" فكتب إلى هشام: "أنت وذلك" فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من بني نضر ومائة أهل منزل من بني سليم فأنزلهم بلبيس وأمرهم بالزرع". وقد كان هذا في مطلع القرن الثاني للهجرة، واستيطان هذه المجموعات إنعكس على المجموعات الأخرى التي بقيت قابعة بالجزيرة حيث تشكوا شظف العيش، وهذا مما دفع هذه الأخيرة إلى الخروج من البادية، والهجرة إلى مصر للاستيطان بجوار القبائل الأخرى
أسباب هجرة القبائل الهلالية
إن النزوح والانتجاع والارتحال ضرورة تفرضها طبيعة البيئة التي تكيفت معها نفسية هذه القبائل العربية وأصبح يطبع كيانها، وقد كان تنقل القبائل لأسباب ضرورية ولظروف قاسية فرضتها قسوة البيئة إضافة إلى الطبيعة القبلية المقاتلة التي كانت تلك المجموعات تتميز بها. كما أن انتشار العرب في الأرض من جزيرتهم كانت في مراحل متقدمة، وارتبط الانتشار بالعديد من الأسباب منها الفتح الإسلامي، إذ خرج العرب ينشرون ديانتهم وأوغلوا في البلاد وفتحوا الأمصار. مثلما أنه “لم يكن زجر عمر ليوقف تيارهم فانساحوا في الأرض حتى نصبوا أعلامهم على ضفاف نهر الكنج شرقا وشواطئ المحيط الأطلسي غربا، وضفاف نهر لورا شمالا وأواسط إفريقيا جنوبا وملؤوا الأرض فتحا ونصرا، واحتلوا مدائن كسرى وقيصر وأقاموا في المدن".
والقبائل التي نشرت الإسلام خارج الجزيرة العربية قبائل مضر وأيضا القبائل العدنانية والقحطانية ونوه إلى هذا جرجي زيدان "والقبائل التي قامت بنصرة الإسلام ونشره قبائل مضر وأنصارها من العدنانية والقحطانية". وكان انتشار العرب بعد ظهور الإسلام بالمهاجرة،